إن النمو المتصاعد للتقنيات الرقمية جعلنا أمام فرصا وتحديات، فرصا جديدة للتفاعل الاجتماعي والعمل والتعلم، وفي الوقت ذاته فرضت مواجهات وتحديات مع المبادئ الأخلاقية والقيم الدينية والهوية الثقافية، وفي ظل جائحة كورونا وما حدث فيها من تطورات تكنولوجية كثيرة إيجابية منها رقمنه التعليم والتي جعلت من طلابنا وطالباتنا أكثر ممارسة للتقنية، وأكثر ابداعا فيها لموافقتها لاهتماماتهم، وفي ظل الانفتاح الرقمي نحتاج إلى توجيه سلوكهم بما يؤمن لهم تبادل المعلومات والأفكار بشكل إيجابي ويقلل من مظاهر الاتصال الرقمي السلبي، وهنا تظهر مسؤولية المؤسسات التعليمية تجاه متعلميها لإكسابهم الوعي الرقمي الذي يحميهم ، فأصبح مفهوم المواطنة الرقمية هو المرشد للاستخدام الأمثل مع التقنية الرقمية، وهنا يبرز دور المؤسسات التعليمية في تدعيم مبادئ السلوك القويم، ورفع شعور الفرد بولائه لمجتمعه والانتماء إليه، واكسابه الوعي اللازم بحقوقه وحقوق الآخرين وواجباته نحو مجتمعه، وتقع هذه المسئولية على المعلمين في استخدام الأنشطة والبرامج التي من شأنها أن توجه المتعلمين إلى الاستخدام الذكي للتكنولوجيا من أجل الحفاظ على ثقافة المتعلمين من الأفكار الدخيلة عليهم، فالإنسان الرقمي إن لم يكن على معرفة عميقة ودراية كاملة، فمن المؤكد أن يصبح عرضة للجرائم الالكترونية، فتوجيه المتعلمين نحو الممارسة الآمنة والاستخدام المسؤول والقانوني والأخلاقي للمعلومات والتكنولوجيا أصبح مطلبا رئيساً من مدرسة اليوم.
كما يقع عليها مسؤولية اكساب المتعلمين مهارة التعاون والإنتاجية والتعلم مدى الحياه، فالتقنيات الرقمية تقدم لمستخدميها وصول لا محدود للمعرفة والمعلومات، وقد تتقلص هذه الفرص في عدم معرفة طريقة منهجية للاستخدام الفعال للتقنية.
المواطنة الرقمية لا تنتهي عند المدرسة ومقرراتها بل تتجاوز ذلك لتصبح مسؤولية وسلوكا يمارسه الفرد مما يجعله إيجابيا في مجتمعه، فالطلبة في المدراس الرقمية بحاجة إلى معرفة الاستخدام الأخلاقي للتقنيات الرقمية ومظاهر السلوك المقبول وغير المقبول، وهنا يأتي دور المعلم في نشر الثقافة حول الاستخدام الصحي الحسن للتقنيات الرقمية والتوعية بمخاطر الاستخدام غير السليم لها من أجل حماية أنفسهم دون إلحاق الضرر، وتبصيرهم بحقوقهم وواجباتهم عبر التقنيات، وتزويدهم بالمعارف الخاصة باستخدامات الحاسوب، بما يجعلهم قادرين على الاستخدام الأمثل الفعال للتقنية، واكسابهم مهارات البحث عن المعلومات والتعلم مدى الحياة وتمييز المعلومات الموثوقة من المعلومات التي يجب عدم الأخذ بها، ومعرفة كيف يمكنه المساهمة للمجتمع الرقمي.
آلاء حميد الصاعدي
باحثة الدكتوراه - جامعة أم القرى
مقرر تطبيقات في بناء المناهج